[size=16][size=12]بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
إِنَ الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا ، مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له ، وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً .. أمْا بَعد ...
حدِّد درجتك بنفسك ..
[size=21][size=16][size=16][size=16][size=16][size=21][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
قال صلي الله عليه وسلم: «من أراد أن يعلم ماله عند الله فلينظر ما لله عنده» حسن : رواه الدارقطني عن أنس وأبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة وسمرةكما في صحيح الجامع رقم : 6006
ليست الجنة درجة واحدة، وبالتالي ليس الثمن المدفوع فيها واحدا،
فمشتري أدنى درجة في الجنة ليس كشاري أعلى الدرجات،
وأعلى درجة هناك تستوجب أعلى بذل هنا،
وقمة الأجر لديه تتطلب أسرع السير إليه،
فأين بلغت في الجنة حتى الآن أخي الخاطب؟!
وقد سبق وأن أشار النبي صلي الله عليه وسلم إلى عدد درجات الجنة ليُشعل نار التنافس بين المؤمنين أيهم يحوز أعلاها،
فقال صلي الله عليه وسلم:
«الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض» صحيح :رواه بن مردويه عن أبي هريرة كما في صحيح الجامع رقم : 3120
بل ونقل صورة تفصيلية ومشاهدة حقيقية لما رآه أهل الجنة بعد أن استقر لهم في الخلد المقام،
فرأوا الدرجات الأعلى والمكانة الأرقى لمن سبقهم في دنياه فكوفئ في الجنة منتهاه.
قال صلي الله عليه وسلم: « إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب، لتفاضل ما بينهم » صحيح : رواه الشيخان وأحمد عن أبي سعيد والترمذي عن أبي هريرة كما في صحيح الجامع رقم:2027، والغابر هو الذي تدلَّى للغروب وبعد عن العيون. قال الزمخشري : «والترائي : تفاعل من الرؤية ، يُقال تراءى القوم إذا رأى بعضهم بعضا ، وتراءى لي الشيء ظهر لي حتى رأيته ، وتراءى القوم الهلال إذا رأوه بأجمعهم».
لكن التمايز في الجنة ليس في الدرجات وحدها بل في كل شي ، ونأخذ مثلا لذلك : الشراب :
فارق كبير بين المقربين وهم السابقين،
وبين الأبرار أو أصحاب اليمين وهم المقتصدين ، فالمقربون يشربون بعيون الجنة صرفا محضا لا يخالطه شيء ،
كما قال تعالى في سورة المطففين في شراب الأبرار : (وَمِزَاجُهُ ۥ مِن تَسۡنِيمٍ * عَيۡنً۬ا يَشۡرَبُ بِہَا ٱلۡمُقَرَّبُونَ ) [المطففين : 27-28] ،
وقال يشرب بها المقربون ولم يقل منها إشعارا بأن شربهم بالعين نفسها خالصة لا بها وبغيرها ،
وعين التسنيم أعلى أشربة الجنة ، يشرب بها المقربون صرفا ، وتُمزج لأصحاب اليمين مزجا ، جزاء وفاقا.
قال ابن القيم:
« وهذا لأن الجزاء وفاق العمل ، فكما خلصت أعمال المقربين كلها لله خلص شرابهم ، وكما مزج الأبرار الطاعات بالمباحات مُزِجَ لهم شرابهم ، فمن أخلص أُخلِص شرابه ، ومن مزج مُزِج شرابه » طريق الهجرتين ص301
لكن ..
كيف نترجم هذا التنافس واقعا ملموسا؟!
كانت بعض الصالحات تتوخى أشد الأيام حرا فتصومه، فيقال لها في ذلك
فتقول: «إن السعر إذا رخص اشتراه كل أحد!! » صفة الصفوة 4/46
تشير إلى أنها لا تؤثر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس لشدته،
تبغي بذلك درجة أعلى في الجنة ومكافأة أكبر هناك،
فأشق الصدقات هو أن تنفق مما تحب،
وأشق الصلوات ما كان في جوف الليل بعد نوم وفي خلوة،
وأشق الأعمال عموما ما انعدم فيه حظ النفس ورؤية الخلق،
ولن يُعدم عاشق حيلة يصل بها إلى الحبيبة.
اسم بهمتك نحو الجنة، ثم استعد لتحمل الآلام والمشاق في سبيلها،
ويشهد لك بذلك الإمام ابن القيّم:
«كلما كانت النفوس أشرف والهمة أعلى كان تعب البدن أوفر وحظه من الراحة أقل» مفتاح دار السعادة 2/15
د/ خالد أبو شادي