هذي وقفة أحببت أن نقفها مع احدى القصص التي قد تكون مرت علينا مروراً عابراً .. نستلهم ُ منها العِبر ونستخلص َ منها مكنون الفوائد وَ الدُرر .
هي قصة حقيقة ، ليست من نسج الخيال أو ضربٌ من الأمثال وإنما رواها وحدّث بها من قالَ عنه ربُ البريّات (وَمَايَنْطِقُ عَنِ الهَوَى ، إِنْ هُو إِلاَّ وَحْيٌ يُوْحَى) .
اترككم مع القصّة :
قالَ الإمامْ البُخاري : حدَّثنا إسماعيل بن خليل أخبرنا عليُّ بن مسهر عن عبيد الله بن عُمرْ عن نافع عن ابن عُمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
« انطلق ثلاثةُ نفرٍ ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه ، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار ، فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا اللهَ بصالحِ أعمالكم .
فقال رجلٌ منهم : اللَّهم كان لي أبوانِ شيخانِ كبيران ، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالاً ( أي : لا أقدم في الشرب قبلهما أحداً ) ، فنأى بي طلب الشجر يوماً فلم أرح عليهما حتى ناما ، فجلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين ، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلاً أو مالاً فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي ( أي يصيحون من الجوع ) ، فاستيقظا فشربا غبوقهما .
اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة ، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج منه .
فقال الآخر : اللَّهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إليَّ ،وفي رواية : كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء ، فأردتها على نفسها فامتنعت ، حتى ألمت بها سنة من السنين فجائتني فاعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت ، حتى أذا قدرت عليها وفي رواية فلما قعدت بين رجليها ، قالت : اتق الله ولا تفضن الخاتم إلا بحقه ، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليَّ وتركت الذهب الذي أعطيتها .
اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج .
وقال الثالث : اللَّهم إني استأجرت أُجراء وأعطيتهم أجرهم ، غير رجل واحد ، ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال ، فجاءني بعد حين فقال : يا عبدَ الله أدِّ إليّ أجري ، فقلت : كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال :يا عبدَ الله لا تستهـزئ بي ! فقلت : لا أستهزئ بك ، فأخذه كله فاستقاه فلم يترك منه شيئاً .
اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون »
||
هؤلاء الثلاثة في قصة ِ أصحاب الغار ، راقبوا الله في أشد لحظات الفتن
فتوسلوا إليه ِ بصالح أعمالهم فكانت سبباً لنجاتهم من تلك المحن
ماذا لو أنك كُنت رابعهم .. ؟!
هل لديك خبيئة عمل ٍ صالح تدخرها عند المُلمات ؟!
عملٌ لايعلم عنه أحد ٌ سوى الله سبحانه وَ تعالى ؟!
كصدقة السر وَ قيام الليل وكمن ذكر الله خالياً فــ فاضت عيناه ؟!
ذكر العلماء ابن باز وابن عُثيمين والألباني وَ غيرهم رحمة الله ِ عليهم
أن من أنواع التوسل المشروع .. التوسل إلى الله تعالى بعمل ٍ صالح قام به العبد ، واستدلوا بقول الله تعالى :
(الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
دعوة لــ التأمل في السلف الصالح||
كان احدهم يقوم الليل كله خفيةً فإذا أصبح عليهم الصُبح نادى بصوت ٍ عال وكأنه استيقظ َ من حينه .
وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يذهب إلى بيت امرأة عجوز كفيفة البصر , فيكنس بيتها ، ويحلب شاتها ، ولحقه ذات يوم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلما خرج سأل العجوز عنه فقالت : يأتيني كل يوم فيعمل كذا وكذا ، فبكى عمر رضي الله عنه وقال : ويحك ياعمر أعثرات أبي بكر تتبع يا عمر !!
وهذا داود بن هند صائمٌ أربعين سنة لايعلم به أهله ، كان له دُكان يعملُ فيه ِ خرازاً ، فيأخذ طعامه صباحاً وَ يتصدق به ِ في الطريق ، فإذا جاء الليل تعشى مع أهله .
قال ابن الجوزي : فيظن أهل السوق أنه قد أكل في البيت ويظن أهله أنه قد أكل في السوق
أيُّ إخلاصٍ واسرار كانت بينهم وبين الله !! عبادة لايستطيعها المنافقون لأن اعمالهم تُبنى على رؤية ِ الناس لهم وإنما هي أعمال الصالحين ، اعمالُ سرٍ لايثبتُ عليها إلا الصادقون .
قال الرسول صلى الله عليه ِ وَ سلم : « من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل ٍ صالح فليفعل »
دعوة لــ التفكر||
من منا ليست له خبايا من أعمال ٍ سيئة ، والله ساترٌ علينا ، فلماذا لاتكون لنا خبايا صالحة !!
قال الزبير بن العوام رضي الله عنه :
« اجعلوا لكم خبيئة من العمل الصالح كما أن لكم خبيئة من العمل السيئ »
لاحدود لــ الأعمال الصالحة في شرعنا ، فتخير من الخيرات مالذ وطاب وما يتناسب مع قُدرتك وما تستطيعه في عُسرك َ وَ يُسرك
وتذكر أن من أصلح ما بينه و بين الله أصلح الله ما بينه و بين الناس ، و من أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه
هي قصة حقيقة ، ليست من نسج الخيال أو ضربٌ من الأمثال وإنما رواها وحدّث بها من قالَ عنه ربُ البريّات (وَمَايَنْطِقُ عَنِ الهَوَى ، إِنْ هُو إِلاَّ وَحْيٌ يُوْحَى) .
اترككم مع القصّة :
قالَ الإمامْ البُخاري : حدَّثنا إسماعيل بن خليل أخبرنا عليُّ بن مسهر عن عبيد الله بن عُمرْ عن نافع عن ابن عُمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
« انطلق ثلاثةُ نفرٍ ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه ، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار ، فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا اللهَ بصالحِ أعمالكم .
فقال رجلٌ منهم : اللَّهم كان لي أبوانِ شيخانِ كبيران ، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالاً ( أي : لا أقدم في الشرب قبلهما أحداً ) ، فنأى بي طلب الشجر يوماً فلم أرح عليهما حتى ناما ، فجلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين ، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلاً أو مالاً فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي ( أي يصيحون من الجوع ) ، فاستيقظا فشربا غبوقهما .
اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة ، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج منه .
فقال الآخر : اللَّهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إليَّ ،وفي رواية : كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء ، فأردتها على نفسها فامتنعت ، حتى ألمت بها سنة من السنين فجائتني فاعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت ، حتى أذا قدرت عليها وفي رواية فلما قعدت بين رجليها ، قالت : اتق الله ولا تفضن الخاتم إلا بحقه ، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليَّ وتركت الذهب الذي أعطيتها .
اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج .
وقال الثالث : اللَّهم إني استأجرت أُجراء وأعطيتهم أجرهم ، غير رجل واحد ، ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال ، فجاءني بعد حين فقال : يا عبدَ الله أدِّ إليّ أجري ، فقلت : كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال :يا عبدَ الله لا تستهـزئ بي ! فقلت : لا أستهزئ بك ، فأخذه كله فاستقاه فلم يترك منه شيئاً .
اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون »
||
هؤلاء الثلاثة في قصة ِ أصحاب الغار ، راقبوا الله في أشد لحظات الفتن
فتوسلوا إليه ِ بصالح أعمالهم فكانت سبباً لنجاتهم من تلك المحن
ماذا لو أنك كُنت رابعهم .. ؟!
هل لديك خبيئة عمل ٍ صالح تدخرها عند المُلمات ؟!
عملٌ لايعلم عنه أحد ٌ سوى الله سبحانه وَ تعالى ؟!
كصدقة السر وَ قيام الليل وكمن ذكر الله خالياً فــ فاضت عيناه ؟!
ذكر العلماء ابن باز وابن عُثيمين والألباني وَ غيرهم رحمة الله ِ عليهم
أن من أنواع التوسل المشروع .. التوسل إلى الله تعالى بعمل ٍ صالح قام به العبد ، واستدلوا بقول الله تعالى :
(الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
دعوة لــ التأمل في السلف الصالح||
كان احدهم يقوم الليل كله خفيةً فإذا أصبح عليهم الصُبح نادى بصوت ٍ عال وكأنه استيقظ َ من حينه .
وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يذهب إلى بيت امرأة عجوز كفيفة البصر , فيكنس بيتها ، ويحلب شاتها ، ولحقه ذات يوم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلما خرج سأل العجوز عنه فقالت : يأتيني كل يوم فيعمل كذا وكذا ، فبكى عمر رضي الله عنه وقال : ويحك ياعمر أعثرات أبي بكر تتبع يا عمر !!
وهذا داود بن هند صائمٌ أربعين سنة لايعلم به أهله ، كان له دُكان يعملُ فيه ِ خرازاً ، فيأخذ طعامه صباحاً وَ يتصدق به ِ في الطريق ، فإذا جاء الليل تعشى مع أهله .
قال ابن الجوزي : فيظن أهل السوق أنه قد أكل في البيت ويظن أهله أنه قد أكل في السوق
أيُّ إخلاصٍ واسرار كانت بينهم وبين الله !! عبادة لايستطيعها المنافقون لأن اعمالهم تُبنى على رؤية ِ الناس لهم وإنما هي أعمال الصالحين ، اعمالُ سرٍ لايثبتُ عليها إلا الصادقون .
قال الرسول صلى الله عليه ِ وَ سلم : « من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل ٍ صالح فليفعل »
دعوة لــ التفكر||
من منا ليست له خبايا من أعمال ٍ سيئة ، والله ساترٌ علينا ، فلماذا لاتكون لنا خبايا صالحة !!
قال الزبير بن العوام رضي الله عنه :
« اجعلوا لكم خبيئة من العمل الصالح كما أن لكم خبيئة من العمل السيئ »
لاحدود لــ الأعمال الصالحة في شرعنا ، فتخير من الخيرات مالذ وطاب وما يتناسب مع قُدرتك وما تستطيعه في عُسرك َ وَ يُسرك
وتذكر أن من أصلح ما بينه و بين الله أصلح الله ما بينه و بين الناس ، و من أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه